"حجرٌ سودته خطايا بني آدم"
هكذا وصفه نبيّ الأمة الإسلامية محمد بن عبد المطلب عن لسان ابن عباس.
الحجر الأسود
هو حجرٌ محلّ إجلال وقداسة، شكله بيضاوي، ومكوّن من قطعٍ صغيرة الحجم، لونه أسود يتخلله الأحمر القاتم، يتراوح قطره في مجال ثلاثين سم.
يلفّه طوق من الفضة الخالصة، يجمع أجزاءه وقد استحدث في عهد الملوك تتابعاً.
● ويتكون هذا الحجر من أجزاء يربطها إطار من الفضة، مثبته إلى الحجر بمسامير فضية، يتراوح الحجم الأصلي له حوالي ٢٠ سم ×١٦ سم وحجمه الأصلي غير واضح تبعاً لتغّير أبعاده عبر الزمن.
وتزاحمت الدراسات حول طبيعة هذا الحجر، فوصف بأنه من البازلت والعقيق وقطعة من الزجاج الطبيعي ونيزك حجري.
ووفقاً لخصائصه المادية والجيولوجيين العرب فإن الأحجار تتكون من العقيق، وقد أُعيد تشكيل هذا الحجر في مناسباتٍ عديدة.
موقع الحجر الأسود
يقع الحجر الأسود في الزاوية الجنوبية الشرقية للكعبة والتي تقع في مكة المكرمة (السعودية) في شبه جزيرة العرب.
أما عن قيمته الدينية فإن هذا الحجر حسب الآثار الإسلامية، أتى به جبريل من السماء .
فيعدّه المسلمون حجر من حجارة الجنة، وياقوتة من ياقوتها
وذلك كما قال النبي محمد:
《الحجر الأسود حجر من حجارة الجنة》
وهذا الحديث صحيح.
وقال النبي:《إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب》 رواه أحمد والترمذي عن ابن عمرو.
وحسب العقيدة الإسلامية يعد بداية الطواف ونهايته، ويرتفع عن الأرض متراً ونصف.
وهذا الحجر ليس للعبادة ولولا الناس لم ترى النبي محمد يقبله لما قدّسته، وذلك لنزوله من الجنة .
ويرجع سواد لونه كما يعتقد أغلب المسلمين؛ إلى الذنوب التي ارتُكبت، كما روي عن النبي محمد.
فروى ابن عباس _وهو ابن عم النبي وكثير القول بالأحاديث_ عن النبي أنه قال:
《نزل الحجر الأسود من الجنة أبيض من اللبن فسودته خطايا بني آدم》
وهذا الحديث صحيح رواه الترمذي.
والسواد يقع في ظاهر الحجر فقط، أما ما تبقى منه فهو أبيض كما نزل.
وذلك السبب الرئيس لتسميته "الحجر الأسود"، وقد قيل به "الركن" في روايةٍ للفاكهي عن مجاهدٍ قال: 《نظرت إلى الركن حين نقض ابن الزبير البيت، فإذا كل شيء منه داخل البيت أبيض》.
أهم ما ذُكر عنه في التاريخ
وقد ذُكرَ في كتب السيرة النبوية عن حادثة قريش، عندما قرروا إعادة بناء الكعبة، حتى وصلوا إلى وضع الحجر الأسود وفخر الموقف فاختلفوا على واضع الحجر لمكانته عندهم، وكادت أن تنشب الحرب؛ حتى اتفقوا أن يضعه أولّ من يدخل من (باب الصفا).
فكان محمد النبي وكان يبلغ من العمر ٣٥عام، أي قبل البعثة.
ولما رأوه أول الداخلين قالوا (هذا الأمين رضيناه بحكمة)، وسردوا له قصتهم فقال: 《هلمّ إلى ثوباً《فأعطوه، فمدّه ومسك الحجر بيده ووضعه في الثوب وقال: 《ليأخذ كبير كل قبيلة بجرف من أطراف هذا الثوب》.
وبالفعل حملوا الثوب جميعاً إلى جانب مكان الحجر من الكعبة، ثم حمله محمد ووضعه مكانه، وتلك كانت من حكمة النبي حينها وفطنته وقد حسم الخلاف.
ومن الأحداث التي مرّت على الحجر المقدس تصدعه عام ٦٤ هجري عندما نشبت الحرب بين جيش يزيد بن معاوية وابن الزبير الذي تحصّن بداخلها، فكان أول من ربط الحجر بالفضة.
ورممه الحجاج بن يوسف الثقفي، وخلفة هارون الرشيد الخليفة العباسي .
ويُذكر أن القرامطة قاموا باقتلاعه بحادثةٍ تُعد الأفظع مما مر على الحجر الأسود، حيث قاموا بالهجوم على المسجد الحرام وقتلوا من فيه واقتلعوا الحجر وغاب ٢٢ عام، واستُردّ إلى مكانه سنة ٣٣٩ هجرية، ويروى أنهم أي القرامطة باعوا الحجر بثلاثين ألف دينار.
سنن الطواف وعلاقتها بالحجر
أكدت كتب السنة النبوية والعقيدة الإسلامية بأنه من السنة لمن يطوف أن يلمس الحجر الأسود بيده أو يقال (يستلمه) ويقبله عندما يمر به، وإذا صعب عليه التقبيل لمسه وقبّل يده، وإذا بعدت مسافته استلمه بعصا معه أو ما شابه وقبل ما لامسه، وإن عجز أشار إليه بيده وذكر اسم ربه وكبّر ولا يقبل يده.
وكما هو منقول عن السابقين فالحجر الأسود يبعث يوم القيامة شاهد على الناس.
قال عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
《والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، يشهد على من استلمه بحق》.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!