تتكون رواية عابر سرير من ثمانية فصول مقسمة على 271 صفحة، أما الغلاف فكان الابتكار يسيطر عليه كلياً فهو خال من أي صور فقط تأثير بصري ساحر للعنوان بلون أزرق بحري، تحيط به زخرفة رمادية تضفي طابع فني جميل الأثر، أما على الوجه الخلفي فيسيطر مقتطف الرواية على كامل المساحة المرئية، باستثناء الزاوية اليمينية فتظهر صورة الكاتبة بوضوح.
سبب التسمية:
استوحت الكاتبة العنوان من جملة "عابر سبيل" فتفتتح الكاتبة روايتها بقول لأحد الكتاب:
(عابرة سبيل هي الحقيقة ولا شيء يستطيع أن يعترض سبيلها).
مضمون الرواية:
يصل مصور صحفي إلى فرنسا لاستلام جائزة التقطها لكلب، ثم تصبح بعدها مدينة باريس مرتكز الأحداث المكاني وتنطلق منها الشخصيات لاستكمال الحكاية، يخبرنا خالد المصور بلغة الأشواق والألم عن حبه لامرأة غائبة كانت قد ألهبت نيران العشق في صدره دون هوادة، فحياة وما يحمله هذا الاسم من رمزية يبقى في الانتظار على أمل العودة واللقاء، ويغدو الحزن دافعاً إلى البوح بذلك الحب المستعر.
يزور خالد معرض الرسام زيان الذي يكون آنذاك في المستشفى، فتتاح له الفرصة للتعرف على فرونسوا التي أقام عندها الرسام فترة من الوقت قبل أن يقيم خالد في هذه الغرفة ويقيم علاقة غرامية مع فرانسوا التي يكرهها كنوع من الانتقام من فرنسا، فيكون انتقامه شبيهاً بانتقام مصطفى السعيد في موسم الهجرة إلى الشمال.
-كانت علاقة خالد بزوج حياة علاقة "كرّ وفرّ" طيلة الوقت، ولم يتمكن خالد من الانتقام من زوج حياة الجنرال سوى بأن يقيم علاقة غرامية أيضاً مع حياة، كان الأمر شديد التعقيد واللامنطقية، فهل في حياته شيئاً يدعوه بأن يكون منطقياً؟
-يلتقي خالد في فرنسا بناصر الهارب من يد العدالة بتهمة الإرهاب، تمر الأحداث برتابة ومن ثم يفقد زيان الحياة، الأمر الذي يجعل شيئاً يتفجر داخل نفس خالد أثناء اصطحابه لجثمان زيان إلى الجزائر.
الأبعاد التي تدور فيها الرواية:
نلاحظ أن السرد في هذه الرواية يتحول إلى شخصية محورية، فالبطل يروي تجربته كمصور صحفي يتخذ اسم خالد طوبان بطل رواية ذاكرة الجسد للكاتبة أحلام مستغانمي، أما الفروق مابين الشخصيتين فهي أن البطل الأول شارك في حرب التحرير وبترت ذراعه ومن ثم هاجر إلى فرنسا، أما البطل الثاني عاش في فترة الاستقلال وصار صحفياً لتعطب ذراعه فيما بعد بسبب مقالاته، أما انتحال الشخصية الثانية لاسم الشخصية الأولى فما هي إلا محاولة من الكاتب لتسليط الضوء على انتقال سبب الألم والعطب من كونه دفاعاً على الجزائر التي تحب أبناءها، إلى كونه عقاباً من الجزائر الأخرى التي تقتل وتؤذي أبناءها.
حمل الرواية مباشرة من الرابط :
👈 اضغط هنا
طريقة السّرد:
بالمرور إلى طريقة السّرد، نجد بأنه ينفتح على قصة حب يأخذها على أنها إطار مرجعي، وينفتح على أطر أخرى وفق منهجية شهرزادية مع تعديلات في التفاعلات النصية، وذلك لأسر القارئ في حدود أحداث هذه الرواية من خلال استعمال لغة الشعر عوضاً عن النثر لما في ذلك من بلاغة تخرج عن بلاغة الشعر، وتهيمن عليها لغة ذكورية ليتساءل القارئ عن سبب إسناد السرد لسارد مذكر، وعن سبب تخفيها ككاتبة أنثى وراء السارد
فالخطاب الشعري البليغ هو في الغالب صوت أحادي لا يعرض الحقيقة من زاوية واحدة تفرض على القارئ كم هائل من التشبيهات والاستعارات .
-نلاحظ على مدار الرواية كيف أن خالد طوبان يمارس استبداده اللغوي والفكري دون وجود رأي معارض أو مخالف، ومن هنا نجد تهميشاً لشخصيات الرواية كمراد وناصر، كما نجد أيضاً كيف أن خالد همش صوت أنوثة فرانسوا الفرنسية وحياة الجزائرية لتصبحا على مدار القص موضوعان تابع لغرض الرغبة والانتقام ليس إلا.
الترميز وارتباطه بالقضايا الجوهرية:
نلاحظ أيضاً تكاثف النسق الرمزي بين حياة وعابر سريرها حباً وموتاً، و قسنطينة وعابري جسورها وأثر ذلك على أشخاص الرواية، وكذلك تمزق روح المصور بطل روايتنا بين حياة الجزائرية وفرانسوا الفرنسية، وذلك ما يذكر برواية "نجمة" للكاتب ياسين، وبالتالي فإن الأدب الجزائري لم يتمكن بعد عقود من التخلي عن مرارة التاريخ، وبقى متمسكاً به في العديد من الأعمال الجزائرية التي مازالت تسحر العالم بجمالها وواقعيتها وملامستها لآلام الشعوب العربية.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!