مَن هي أحلام مستغانمي؟
أحلام مستغانمي هي كاتبة جزائرية حائزة على الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس، حاصلة أيضاً على جائزة نجيب محفوظ عام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد، لديها العديد من الروايات منها:
ـ فوضى الحواس
ـ عابر سرير
ـ عليك اللهفة
ـ تسرد رواية الأسود يليق بك قصة حب بين البطلة هالة الوافي والتي تعمل كمغنية، جزائرية الأصل تتصف بالعناد والكبرياء، تبلغ هالة من العمر ال27 أما البطل فهو رجل أعمال كبير مشهور بثرائه ويمتلك سلسلة من المطاعم في مختلف عواصم العالم، يتصف البطل بالغرور ويقطن في البرازيل.
ـ ذات يوم رأى البطل هالة الوافي وهي تتكلم على إحدى القنوات التلفزيونية، لم يكن البطل يعلم أي شيء عن هالة ولا هي أيضاً، فشدته وأعجبه جرأتها وشجاعتها وحضورها، وقرر في اللحظة الأولى التي رآها فيها بأنها ستكون من نصيبه، فهو لم يعتد على الخسارة وقد خلق من أجل أن يربح.
ـ في المرة الأولى التي رآها بها كانت هالة ترتدي فستاناً أسود اللون، وكان قد سألها المذيع الذي يستضيفها عن سبب ارتدائها المستمر للون الأسود في جميع مناسباتها، فقالت له بأن الحداد لا يكون بما نرتديه على الإطلاق بل فيما نراه ويكمن في نظرتنا للأشياء.
ـ بعد انتهاء البرنامج، ظل الرجل مذهولاً بها، وكانت هناك الكثير من الاسئلة التي تجول في خاطره، فكيف لامرأة بهذا الجمال أن تجمع بين الألم والعمق معاً.
ـ بعد عام من اللقاء التلفزيوني، ظلت هالة في فكر الرجل ولم ينسى أي كلمة كانت هالة قد تفوهت بها، وكان شديد الندم لأنه لم يقم بتسجيل تلك المقابلة، وعلى متن طائرته المتجهة إلى باريس وأثناء تصفحه لصحف الصباح رأى صورتها في الصفحة الفنية، في تلك اللحظة تثنى له معرفة اسمها.
ـ بعد فترة من الزمن وأثناء استضافتها بأحد البرامج التلفزيونية بمناسبة عيد الحب، وأثناء ما كانت متألقة بفستانها الأسود المعهود، قدم لها المذيع باقة من الورد، وأخبرها بأنها من شخص مجهول، لم يكن موجودا على الباقة سوى بطاقة تحمل 3 كلمات (الأسود يليق بكِ) ، جمدت هالة في مكانها وكان قد سرى في أرجاء المكان شيء شبيه بالحب...
ـ انقضت 3 أسابيع قبل أن تأتي أول مناسبة، وقام المعجب السري بإرسال باقة ورد لكن هذه المرة كانت أرقام هواتفه موجودة عليها، بقي في تلك الليلة في مكتبه منتظراً مكالمة هالة بعيداً عن أنظار زوجته.
ـ ترددت هالة كثيراً في الاتصال برجل غريب بعد ساعة متأخرة من الوقت، فقررت الانتظار للصباح وبالفعل اتصلت صباحاً وكان صوتها يأخذ منحى خوف ممزوج بالتوتر:
ـ ألو...
ـ أهلاً...سعيد بالتحدث إليكِ، كنت أستعجل هذه اللحظة.
ـ ظننتك تملك كل الوقت
ـ أن أملك الوقت هذا لا يعني أنني أملك الصبر أيضاً.
ـ أما أنا فطاوعتني الحياة...لا أكثر صبراً من الأسود، وشكراً على الزهور
ـ في أول يوم شاهدتك فيه وأنا أود أن أبدي إعجابي بكِ
ـ ظننتك أحببت حدادي
ـ ربما كان على أن أقول إنك تليقين به، إن الأسود يا سيدتي يختار سادته،...رقمي أصبح معك ويسرني سماعك.
ـ بعد عدة مكالمات أخبرته بأنها ستقيم حفلة في باريس، فعرض عليها أن يلتقيا هناك، فوافقت على الفور، وقال بأنه سيكون بانتظارها، وأنه لو لم يدلها قلبها عليه فلن تراه أبداً،...كانت الكلمات أشبه بتحدي عاطفي ظالم رغم ذلك وافقت وقالت له فليكن موعدنا في المطار.
ـ عند وصولها لم تتعرف عليه وغادرت المطار خائبة، وفي الصباح تلقت باقة من الورد كان قد كتب عليها :
ـ (تمنيت أن لا تخسرين الرهان).
بعد عدة أيام كان لديها موعد في مصر لتغني، وتفاجأت أن رجلاً كان قد اشترى جميع بطاقات الحفل، ومن ثم ظهر رجل في الخمسين من عمره أنيق المظهر داخلاً القاعة، بدأت بالغناء له لمدة ساعة ونصف الساعة، وبعدها غادرت الحفلة وكان قد ترك لها باقة من الورود كالمعتاد مكتوبا على البطاقة المرفق بها (أتقبلين بدعوتي لك للعشاء؟ فحتماً ستتعرفين عليَّ هذه المرة؟).
ـ منذ ذلك اللقاء أصبح يصر عليها أن ترتدي في لقاءاتهم اللون الأسود، فهو كان يرى أنه يليق به كما كان يردد دائماً، فقد كان يراها أكثر من كونها نجمة مشهورة.
ـ تتالت اللقاءات وبدأ ينشغل بكثرة، ينسحب وهي بأشد حاجتها له، يتركها ظمأة لحبه إلى أن قررت أخيراً أن تتركه يتألم لبعدها، لم يندم هو على اللحظات التي جمعته بها خلال السنتين السابقتين، فجنون اللحظات الشاهقة، وغرابة المواعيد المجنونة كانت كفيلة بأن تجعلهما في عالم لا يشبه ذلك الذي يعودان إليه بعد أن يغادر أحدهما الآخر.
ـ ابنة جبال الأوراس قررت منذ طفولتها أن تواجه قاتلي والدها بالغناء بدل الدموع لأنها لو استسلمت أمامهم، كان يعني أنهم قد قتلوه مرة ثانية، غادرت ابنة الأوراس بعد الكثير من التهديدات إلى سوريا لتبتعد قليلاً عن المناخ المتوتر، فقد عانت الجزائر لسنوات من الغبن نتيجة الإرهاب الذي كان قد أنهكها.
ـ كان العاشقان على نقيضين، فهي ابنة قضية أفنت عمرها في الدفاع عنها في بلدها، مرهفة الإحساس لا يمكن أن تمر في حياة أحد دون أن تقلبها رأساً على عقب، أما هو فكان من النوع الذي لا يسمح لأحد بأن ينازله بالعشق، فماله ومكانته تجعل كل ما يقوم به خاصاً لا نراه كل يوم، لم يكن صاحب قضية على عكسها فهو ذاك الشخص الذي عاش في بلد الغربة بعيداً عن قضيته ووطنه.
ـ لقد ابتدعت هالة قضية جديدة فشفائها من حبه كان قدراً تسعى أن تحققه، فكبريائها كان مانعاً لها أن ترضخ لجبروته أو أن تسمح له باستعبادها، منذ أن قررت هالة كسرت قيود الحب بالمواجهة، وارتدت ثوباً جديداً ليس أسوداً معلنة تحررها من حبه، فالأسود كان لون عمادتها لحبه، ارتدّت هالة عن حبه وعادت إلى حياتها وشخصيتها، فصوتها وليس ثوبها هو الذي سيأخذ بالثأر.
ـ ذات يوم عثرت على حكمة أبقتها في ذهول، بدا لها أنها قد سرقت آخر أسراره، فخيل لها أنه هو من كتبها، تقول:
(أيتها هالحياة، دعي كمنجاتك تطيل عزفها، وهاتي يدك لمثل هذا الحزن الباذخ بهجة...راقصيني)
لم تندم هالة يوماً على الحب بل إنها على استعداد للحب من جديد والرقص والحياة وربما بخبرة أكبر، لقد أرادت الكاتبة أن توصل رسالة كانت قد بدأت بها برواية نسيان.كوم مفادها نصيحة لكل من يقارب الحب أن يكون مستعداً لألمه وعذابه، وأن يكون على استعداد على الدوام من أجل العودة إلى أعتاب الحب من جديد، فالحياة لا تعاش بلا حب، ومرة أخرى كن دائماً على موعد مع الحب، فلو غادرك الحب ستغادرك الحياة.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!