ما هو الشيء الذي يجعل رواية ما تعيش وتُقرأ حتى بعد مرور 155 سنة على نشرها وكتابتها؟
في مقالنا اليوم سنلخص إحدى أعظم الروايات التي عرفتها البشرية، لنتابع سوياً تلخيص رواية الجريمة والعقاب لكاتبها الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي.
في البداية سنقوم بتلخيص رواية الجريمة والعقاب، ومن بعد ذلك سنجيب على كل الأسئلة التي من الممكن أن تخطر في بالكم دون حرق للأحداث الحقيقية، أو كشف أي مصاير نهائية لأبطال العمل، وذلك حرصاً على القراء الذين لم يسبق لهم أن قرؤوا الرواية من قبل...هيا بنا...
أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية في مدينة سان بطرسبرغ عن طالب الحقوق السابق روديون راسكولينكوف، شخص فقير وفي أسفل طبقات المجتمع الروسي، تتسارع الأحداث عندما تأتي له فكرة شيطانية بأن يقتل عجوزاً مرابية يعرفها جيداً ليسرق مالها، قام روديون راسكولينكوف بتبرير الجريمة لنفسه بأنه لن يسرق المال لنفسه فقط، بل أنه سيعاود توزيعه على الفقراء، وأن العالم لن يخسر الشيء الكثير عند موت امرأة عجوز مقابل أن ينعم العشرات من الفقراء بالمال ولو لوقت قليل، فما بين النقطتين الإنكار الشديد لفكرة القتل وقناعته بها، نعيش مع البطل تطور أفكاره وصراعاته الداخلية، وبالفعل ينفذ جريمة القتل لكنه مع الارتباك يقوم بسرقة مال قليل جداً مقارنة بثروة العجوز ومن ثم يقوم بتخبئة ما سرق، ويبدأ رحلة جديدة من الندم وعذاب الضمير وعقاب النفس، انتشر خبر موت العجوز في المدينة، أما هو فقد أصيب بحمى شديدة وبدأ بالتعامل بحذر مع من حوله.
الشخصيات الرئيسية التي تؤثر على سير الأحداث:
سونيا الفتاة التي وقع بحبها راسكولينكوف، سونيا تمثل الجانب الطيب من شخصية القاتل، أما أركادي إيفانوفيتش فيمثل الجانب السيِّئ، وكلتا الشخصيتين سيكون لهما دور كبير فيما بعد لكشف الجريمة، وغيرهم من الشخصيات الكثيرة التي نعيش معها رحلة العقاب التي تلت الجريمة، هل ستقتصر هذه الرحلة على معاناة القاتل النفسية؟ أم أن الحكاية ستطور إلى أبعد من ذلك.
البعد النفسي للرواية:
سنكون أمام ملحمة إنسانية متكاملة، تشكل فيها الجريمة العامل الرئيس لكنه ليس الوحيد، فـ دوستويفسكي أراد قول الكثير من خلال تلك الجريمة وما بعدها، ستلاحظ أثناء قراءتك للرواية بأنك قد دخلت مع الكاتب في صراع نفسي وفكري عن معان كثيرة في هذه الحياة، كالصراع الدائم بين الخير والشّر.
تفرد الرواية بجمالية وعمومية المضمون:
شخصيات الرواية ليست أحادية الشكل كتلك التي نقرأ عنها عشرات بل مئات المرات، فلن تتاح لنا التقرب لهذه الدرجة من عقلية شخص مقبل على جريمة ما، ناهيك عن الأحاسيس التي تنتابه قبل وبعد الإفلات بفعلته تلك، لدرجة جعلت عالم النفس الشهير سيغمون فرويد يستعين بالرواية ودراسة شخصياتها بدقة من أجل تفسير بعض الأمراض النفسية، يضاف إلى كل هذا تجسيد دقيق للمجتمع الروسي من خلال مدينته المميزة.
لم تلاق الرواية نجاحا كبيرا إلا بعد أن ترجمت إلى لغات أخرى التي كانت أوروبية في ذلك الوقت، وأصدرت أكثر من 3000 نسخة حتى يومنا هذا منتشرة في جميع أنحاء العالم.
المترجمون العرب الذين قاموا بترجمة الرواية إلى اللغة العربية:
ـ فايز الكردي
ـ د.سامي الدروبي
أما عن المعالجات السينيمائية للرواية، فهناك أكثر من 30 فيلماً بدأ إنتاجهم منذ أكثر من 100 عام وحتى يومنا هذا، ولكن بالتأكيد لا شيء يضاهي قلم دوستويفيسكي الرائع، فقراءته هي أحد أهم التجارب التي يتوجب عليك اتباعها في الحياة.
ننتهي بالإجابة عن السؤال الذي بدأنا مقالتنا به، كيف لعمل أن يعيش كل هذه السنوات؟ إلا لو أنه كان قادر على التعبير بصدق عن النفس البشرية بكل تفاصيلها وتعقيداتها، كلمات وصلت إلى ملايين القرّاء حول العالم باختلاف ثقافاتهم وتفكيرهم، الأمر الذي يؤكد حقيقة واضحة أننا جميعاً كبشر نواجه نفس المصير.
:)
ردحذف