في ظل الأحداث الغير عادية التي نعاني منها، هناك الكثير من الأناس الذين لم يكونوا قادرين على تجاوز الصدمات القاسية التي تعرضوا لها الواحدة تلو الأخرى، لكن ما هي يا ترى؟ وكيف يمكن التصدي لها والتعافي منها بدون أن تؤثر على سير حياتهم؟ ..في مقالنا التالي، سنسلط الضوء على اضطراب مابعد الصدمة، وعن سبل التخلص منه والتعافي منه بشكل نهائي.
اضطراب ما بعد الصدمة:
هو اضطراب شبيه بالقلق والاكتئاب، ويعود السبب الرئيسي لحدوثه تعرض الشخص المصاب به لحدث خطير زلزل شعوره بالأمان، كالتعرض لحادث سيارة كاد أن يودي بحياته، أو حريق قوي، أو حرب دموية، أو حتى كوارث طبيعية كالزلازل والبراكين، كما أن الخطف بشتى أنواعه أو التهديد به هو سبب لا يقل أهمية عن الأسباب التي سبقته.
هل الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة يقتصر على الأشخاص الذين تعرضوا للحدث الصادم؟
لا بالطبع، فمكن المؤكد أنه يصاب بهذا الاضطراب أشخاص لم يصابوا بحدث صادم، فمن الكافي أن يتعرض أحد أقارب الشخص أو أصدقائه أو أناس يحبهم لحدث صادم ليصاب بهذا الاضطراب بنفس الشدة وربما بدرجة أكبر، وتتناسب شدة تأثر الشخص عكساً بمقدار تحمله وقوة أعصابه وقدرته على التحكم بردات فعله.
أسباب الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة:
1ـ عند التعرض لأي خطر يهدد حياة الإنسان يقوم المخ بإصدار هرمونات التوتر التي تساعد على مواجهة الخطر إما بمواجهته أو الهروب منه، لكن في حالة اضطراب مابعد الصدمة فإن المخ يستمر في إفراز هذه الهرمونات بدون توقف لفترة طويلة من الزمن.
2ـ وجود فئة من الناس أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب من غيرهم، فمن الممكن أن يتعرض شخصان لنفس الحدث ويتأثر واحد منهما أكثر من الآخر، ويعود هذا الأمر للتركيب البيولوجي للشخص(جيناته) وتكوينه البيئي(الظروف التي نشأ بها).
3ـ ضعف التدعيم العاطفي للشخص من قبل الوالدين أو الشريك أو الأشخاص الذين يثق بهم، كما أن عدم التناغم والتوافق بين أفراد الأسرة من شأنه أن يكون عامل هام يؤدي إلى الإصابة بالاضطراب.
4ـ النشوء في بيئة شديدة الفقر.
أعراض اضطراب مابعد الصدمة:
تبدأ أعراض الإصابة بهذا الاضطراب بالظهور عادة في الفترة بين الشهر والستة أشهر من الحدث الصادم، وتختلف الأعراض وشدتها من شخص لآخر وهي مايلي:
1ـ ال (فلاش باك) وهو ظهور الحدث الصادم فجأة في ذهن الشخص، الأمر الذي يسبب له الكثير من الضيق والتوتر والانزعاج، وهو عرض غير إرادي ولا يمن التحكم به من قبل الشخص المصاب بالاضطراب.
2ـ المعاناة من الكوابيس التي تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بالحدث الذي تعرض له.
3ـ محاولة الشخص الابتعاد عن كل ما هو ذو صلة بالحدث الذي تعرض له.
4ـ فقدان جزئي لذاكرة الشخص بما يخص هذا الحدث، ويعود السبب إلى أن المخ يحاول الهروب من الذكريات المؤلمة التي تعرض لها هذا الشخص.
5ـ التصرف كما لو أن الحدث يحصل له مرة ثانية، الأمر الذي يسبب له انفصال عن الواقع.
6ـ معاناة من عصبية شديدة جداً لأسباب غير منطقية، وقد تمتد نوبات العصبية لتتحول إلى نوع من انواع الانهيار العصبي.
7ـ التشاؤم والكثير من الأفكار السلبية وفقدان الشغف.
8ـ إحساس غير مبرر بالذنب ومحاكمة النفس على أنها السبب في كل ما تعرض له أو ما تعرض له الآخرين.
9ـ انعدام الأمان بشكل كلي، وانعدام الثقة بكل الأشخاص الذين كان يثق بهم من قبل.
10ـ اضطراب في النوم وعدم الدخول في النوم العميق أبداً، فيكون على أهب الاستعداد للهروب في أي وقت.
11ـ فقدان التركيز والخوف من أي صوت أو حدث.
علاج اضطراب مابعد الصدمة:
ـ يكون علاج اضطراب مابعد الصدمة على شكل جرعات دوائية لمضادات الاكتئاب من أجل مساعدة المخ على الرجوع إلى حالة الاتزان النفسي، وذلك من خلال زيادة هرمونات تحسن المزاج.
ـ أما العلاج النفسي، فيكون عن طريق تصحيح الأفكار الخاطئة والعلاج بما يسمى العلاج بالسرد، فكتابة الحدث مراراً وتكراراً يساعد على تقليل قوة الصدمة تجاهه وبالتالي تخطي الصدمة والشفاء منها.
قوة الإيمان بالله وبالنفس على تخطي الأزمات والأفكار السوداوية هي جزء عام جداً من العلاج، فلو لم تكن لديك الإرادة الكافية والرغبة الكاملة على تجاوز الأزمة لن يكون هناك علاج تام وفعال.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!