تعد أطلانتس واحدة من أكبر أساطير التاريخ وأكثرها غرابة، فعدد كبير من الباحثين والمؤلفين والعلماء كانوا قد أفنوا أعمارهم وهم يبحثون في خفايا هذه الأسطورة، واختلفت الأفكار التي وصفت هذه المدينة ولعل أبرزها كونها رمزا من رموز المثالية والأمن والسلام، إلا أن أطلانتس التي وصفها أفلاطون في أعماله أبعد ما يكون عن هذا الوصف فما هي إذاً؟ لنتابع...
أطلانتس من وجهة نظر أفلاطون:
ذُكرت مدينة أطلانتس للمرة الأولى في التاريخ من خلال البعض من أعمال الفيلسوف اليوناني أفلاطون وتحديداً في المحاورتين المعروفتين باسم طيمايوس وكريتياس الذين كتبوا في 360 ق.م، حيث قام أفلاطون بسرد قصة عن أحد أسلافه تكلم فيها عن رحلته لمصر وحديث الكهنة عن جزيرة أطلانتس العظيمة والتي كانت موجودة منذ حوالي 11 ألف سنة، ووصف أفلاطون أطلانتس على أنها جزيرة قاريّة وتتجاوز مساحتها كلاً من ليبيا وتركيا معاً، وتقع في منتصف المحيط الأطلسي، كما أنه وصفها على أنها جزيرة شديدة التطور، بحيث كانوا أهل الجزيرة قد سبقوا عصرهم بالتطور في شتى المجالات، كما أن شعب الجزيرة وصف على أنه يتمتع بالحنكة والحكمة إلى جانب الثراء الواسع والنبل.
أطلانتس والقوة العسكرية:
نظراً للقوة العسكرية والاقتصادية الكبيرة التي تمتعت بها جزيرة أطلانتس، أصبح حكامها يتطلعون من أجل السيطرة على العالم كله، لتتحول أطلانتس من رمز للحضارة المتقدمة إلى رمز كبير للطغيان والجشع، وتمكنوا بالفعل من السيطرة على الكثير من المناطق في العديد من القارات المختلفة، وفرضوا سيطرتهم على أجزاء من أفريقيا وأوروبا ليتحد أبناء أثينا أصحاب الأخلاق السامية حسب ما كتب أفلاطون وقاموا بالتصدي لجبروت أطلانتس وأجبروا قواتهم على التراجع، كما أنه بسبب غضب الآلهة من أطلانتس قامت بتدمير الجزيرة وتم إغراقها بالكامل مع حضارتها وشعبها إلى الأبد، لتصبح المدينة مفقودة منذ ذلك الوقت دون العثور على أي أثر لها.
هل أطلانتس كانت موجودة بالفعل أم أنها مجرد أسطورة من نسج الخيال؟
على مدار التاريخ اعتبر الكثير من الفلاسفة اليونانيين وحتى الباحثون في العصر الحديث، أن أطلانتس ما هي إلا قصة رمزية تعبر عن الصورة المثالية للمجتمع الأثيني، فالقصة موجهة لتعظيم الإغريق نفسهم بدل التركيز على حضارة أطلانتس نفسها ومن الصعب أن تكون قصة المدينة المفقودة حقيقية فمن غير المنطقي اختفاء جزيرة قارية بكل ما تحوي من سكان وحيوانات وطبيعة دون ترك أي أثر.
هل أطلانتس حقيقة فعلاً؟
استمرت أطلانتس بكونها قصة خيالية ومجازية إلى أواخر القرن ال19 للميلاد، وذلك عند ظهور فكرة جديدة تقول بأن اختفاء الجزيرة بالكامل من الممكن أن يكون له تفسير منطقي وأن الكوارث الطبيعية ممكن أن تمحي جزر بالكامل عن وجه الأرض، وأول من طرح هذه الفرضية كان الكاتب والسياسي الأمريكي أوغيانتوس دونيللي، حيث عرض في كتابه المسمى باسم المدينة عن إمكانية غرق الجزيرة واختفائها تماماً بسبب الفيضانات مستشهداً بالكثير من المدن التي اختفت بسبب الفيضانات أو الظواهر الطبيعية، وأرجع اليونانيون اختفائها إلى الآلهة الأمر الذي يعتبر مشابها جداً لطريقة اختفائها الموردة في الكتب اليونانية القديمة.
💡بالغ دونيللي قليلاً بحبه لأطلانتس من خلال اعتبارها أصل كل الحضارات، وأن كل الحضارات التي وجدت على الأرض تنحدر منها، كبناء الأهرامات المصرية التي أرجعها لحضارة أطلانتس.
ما هي إثباتات العلم الحديث على وجود مدينة أطلانتس؟
-اكتشاف العلماء لحطام مدينة في البحر الأبيض المتوسط، ومن بين الحطام كان معدن يستخدم في عملات ذكرها أفلاطون في مخطوطاته، وقال بأنها سبب من أسباب غنى الجزيرة حيث كان هذا المعدن يعتبر في المرتبة الثانية بعد الذهب من حيث ثمنه وندرته.
-الكشف عن نظرية حديثة تثبت بأن القارات أو الجزر القارية من الممكن أن تنقسم وتغرق، فضلاً عن اكتشاف هضبة عملاقة تحت مياه المحيط الأطلسي كان العلماء قد رجحوا وجود أطلانتس عليها.
ما هو مصير سكان الجزيرة؟
طبقاً لكتابات أفلاطون، فإن سكان الجزيرة قد غرقوا أو ماتوا بالكامل مع غرق الجزيرة، ولكن على الرغم من ذلك قال الباحث الفرنسي براسور دي بوربرغ أنه مقتنع تماماً بنجاة مجموعة من سكان الجزيرة واتجهوا نحو الأميركيتين، ليشكلوا فيما بعد ما يعرف حالياً بحضارة المايا، إلا أن كل هذه الأقاويل تبقى فرضيات غير مثبتة على الإطلاق.
على الرغم من جميع الفرضيات والأساطير والروايات المكتوبة عن أطلانتس، إلا أنه لا يوجد أي إثبات قطعي على وجودها لغاية يومنا هذا، ويبقى المؤيدين لفكرة وجودها رافضين تماماً الاستسلام وما زالوا مستمرين برحلة بحثهم عن أطلانتس المنشودة.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!