تعد حضارة المايا من أهم المجتمعات الأصلية التي هيمنت في أمريكا الوسطى، وذلك منذ أكثر من 3000 سنة حيث توصل مجتمع هذه الحضارة إلى الكثير من المفاهيم المتطورة في العديد من المجالات كالطب، والفلك، والرياضة، والعمارة، اعتاد أفراد هذه الحضارة على ممارسة أغرب الشعائر والتقاليد على الإطلاق، وقد وصلوا إلى ذروة قوتهم ونفوذهم في القرن السادس الميلادي، وقد وصل عدد مدنهم لمئات المدن المختلفة، وصروحهم التاريخية لازلنا نكتشفها إلى يومنا هذا.
عادات شعب المايا الغريبة مع حديثي الولادة:
اعتاد شعب المايا على إكساب مواليدهم الجدد خصائص جسدية غير طبيعية، سواء لتميزهم وعكس تجاربهم الاجتماعية، أو حتى من أجل تحسين تكوينهم الجسماني، حيث كان هذا الأمر يتم وفقاً لمنظورهم ومعايير الجمال السائدة وقتئذ، فعلى سبيل المثال اعتادت الطبقة العليا في مجتمع المايا على استخدام ألواح عريضة يضغطون بها على جبين الأطفال في أيام عمرهم الأولى، من أجل تسطيحها، ولو رأيت هذا الأمر غريب فالأمر الأغرب سيكون بالتأكيد أنهم يقدمون على التسبب بحول عيون أطفالهم عن قصد، كما أن اختيار الأسماء لهم يتم تبعاً لليوم الذي ولد الطفل فيه.
المايا ونهاية العالم:
تفوقت حضارة المايا في شتى المجالات لاسيما في علوم الرياضيات والفلك، وقاموا بتطوير تقويمات متشابكة من أجل تسجيل أوقات الكسوف والخسوف والدورات الشمسية والقمرية وحركة الكواكب، كل هذا كان يتم في غاية الدقة، واعتمد بعض الباحثين على واحدة من تقويمات المايا من أجل التنبؤ بنهاية العالم، فتقويم المايا المعروف بتقويم العبد الطويل تنهي فيه دورة كاملة في ال21 من ديسمبر 2012 وقبل هذا التاريخ بفترة قصيرة، ظهر العديد من النظريات التي أكدت أن هذا التاريخ هو بالفعل نهاية العالم.
الشعائر الدينية لحضارة المايا:
تقديم القرابين كانت تعد واحدة من أهم الشعائر الدينية لحضارة المايا والتقرب للآلهة لاسيما القرابين الحية، وأغلب القرابين على الإطلاق التي كانت تقدم هي القرابين البشرية، فكلما ارتفعت مكانة الضحية زادت قيمة التضحية وإمكانية قبول الآلهة لها، ومن أجل ذلك كانوا يختارون أسرى الحرب من أصحاب النفوذ والرتب ويضحون بهم، وكانت هذه العملية تتم من خلال العديد من الأساليب أبرزها هو تجريد الضحايا من ملابسهم ودهن أجسادهم باللون الأزرق بعد ذلك انتزاع قلوبهم من صدورهم وقطع رؤوسهم أو إطلاق السهام عليهم، وكانت هذه الشعائر تنفذ في ساحات المعابد أو على قمة المعابد الهرمية، وبعد انتهاء التضحية كانوا يلقون بالجثث في حفر عميقة، مازال المنحدرون من شعب المايا إلى يومنا هذا يستخدمون الدم من أجل إرضاء الآلهة دون اللجوء إلى الضحايا البشرية واكتفوا بالتضحية بالدواجن.
الرياضة والمايا:
تحتل ملاعب الكرة مكانة بارزة في عدد من مدن المايا الشهيرة كملعب تشيتشن إيتزا في المكسيك، والملعب هذا عبارة عن ممر محاط بسورين يصل عرضه في المتوسط إلى 10 أمتار، ومتوسط طوله إلى نحو 60 مترا، ويستخدم اللاعبون كرة مطاطية ثقيلة الوزن من أجل إدخالها في إطار حجري مثبت أعلى جانبي الملعب، وتم تشبيه هذه اللعبة بلعبة كرة السلة المعاصرة، كما أن هذه اللعبة لم تكن من أجل التسلية وحسب إنما كانت مرتبطة بشعائر دينية لشعب المايا، فاللاعبين الذين كانوا يخسرون كانت تتم التضحية بهم، كما أن بعض الأقاويل اتجهت إلى كون الكرة المستخدمة في هذه اللعبة كانت عبارة عن جمجمة إحدى الضحايا...
الشعوذة والسحر:
إن الممارسات الطبية لشعب المايا كانت مرتبطة ببعضها البعض، فكانت عبارة عن خليط معقد مؤلف من قسمين هما تهيئة العقل، ومعالجة الجسد، فضلاً عن الاستعانة بالشعائر الدينية والعلم في ذات الوقت، وكان هذا النوع من الممارسات مقتصرا على مجموعة محددة مختارة ومتعلمة من شعب المايا يعرفون باسم الشامانز أو الكهنة، وكانوا هؤلاء بمثابة الوسطاء ما بين عالم الواقع وعالم الأرواح فممارسة الشعوذة كانت ضرورة من أجل التبصر والتحكم بالطبيعة، فهذه الأسرار كانت حكرا لهؤلاء الأشخاص وكانت الشعائر والمعلومات وأصول القيام بالشعوذة إرثا يرثونه عن آبائهم وأجدادهم.
المايا إحدى عجائب الدنيا السبع:
اشتهرت حضارة المايا بتقدمها على المستوى المعماري وتشييدها لمئات المدن ومجموعة كبيرة من الصروح العملاقة، والمعابد الهرمية كانت الأجمل والأكثر تميزاً من بينها، فمعبد الكوكولكن أحد أشهر معابد المايا على الإطلاق، وتم اختياره في أوائل الألفية الجديدة كواحد من عجائب الدنيا السبع، ويقع المعبد في إحدى الولايات المكسيكية، ويبلغ ارتفاع الهرم حوالي ال30 متراً أي ما يعادل ارتفاع مبنى مكون من 10 طوابق.
في الوقت الذي قام به الإسبان بإسقاط إمبراطورية الأزتيك والإنكا في سنوات معدودة، لم يتمكنوا من محو آثار حضارة كاملة وشعب عريق، فإرثهم الحضاري الباقي يشهد على حضارة باقية تغني البشرية بالكثير من المعلومات القيمة والخالدة.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!