من الصعب جدا أن تجد شخصا حضر أكثر من مباراة في كأس العالم عبر نسخه السابقة، فمعظم الملاعب المستضيفة تكون في مدن متفرقة وبعيدة عن بعضها البعض، إلا أن قطر حققت هذه الإمكانية؛ من خلال بناء 8 ملاعب متقاربة لكي يستطيع المشجعون حضور أكثر من مباراة في اليوم ضمن أدوار المونديال ، إضافة إلى كون هذه الملاعب مستدامة وتصاميمها مستوحاة من التراث العربي والمحلي.
لنتحدث عن ال 8 أعجوبات العصرية، كيف صنعوا؟ ما هي التكلفة؟ وما قصة كل منها؟
ملعب البيت:
يعد استاد البيت الملعب الأول والأكثر شهرة، يبعد 35 كلم عن العاصمة القطرية الدوحة، تصل سعته حتى 63 ألف مشجع، ويعد ثاني أكبر الملاعب المستضيفة للمونديال على الإطلاق، وهو عبارة أبراج على شكل خيام تحيط بأرضية الملعب، بدأت قطر ببنائه في 2010 بعد الفوز باستضافة المونديال، وُكلت شركة التعهدات اللبنانية دار الهندسة بتصميم وبناء الملعب، استلهموا التصميم من الخيام التقليدية البدوية في قطر والتي تعرف محلياً بـ خيام بيوت الشعر، الجدران مغطات بالسجاد من الداخل والخارج مثل الخيام التقليدية في الصحراء، ويملك ستاد البيت نظام لديه أقوى الحلول والميزات التقنية، سقف ضخم قابل للسحب يبرد للداخل ويساعد على تقليل درجات الحرارة العالية، مُنح هذا الملعب تقييم 5 نجوم؛ فهو ليس مجرد ملعب كرة قدم حيث يوجد فيه فندق خمسة نجوم ومركز تسوق ضمن الجدران الضخمة، تطل معظم غرف الفندق على الملعب ليشاهد المقيمين فيه المباريات من شرفة الغرفة، سيستضيف الملعب 8 مباريات من ضمنها المباراة الافتتاحية، وعند نهاية البطولة ستتم إزالة القسم العلوي من المقاعد في المدرجات والإستفادة منهم في مكان آخر، ليتم تقليل سعة الملعب إلى 32ألف مقعد.
ملعب الجنوب:
أنشأ استاد الجنوب في واحد من أقدم الأحياء في قطر، صممته المهندسة المعمارية العراقية-اللبنانية الجنسية زها حديد، مصمم على شكل منحنيات منحدرة مزركشة عكس أشرعة قوارب الداو التقليدية التي يستخدمها صائدو اللؤلؤ، السقف منحني الأضلاع يعطي المشاهدون شعور التواجد في الشكل، والعوارض المنحنية تحمل السقف، إنه إيماءة جميلة إلى تاريخ الملاحة البحرية للوكرة، المدينة التي يقع فيها الملعب، لديه أيضاً سقف قابل للسحب، مجهز بنظام تكييف كامل لتقليل درجات الحرارة العالية في الأسفل لتصل إلى 18 درجة، تتسع المدرجات لـ 40 ألف مشجع ، وسيزال 20 ألف مقعد في نهاية المونديال أيضاً، ويحتوي الملعب على العديد من المرافق مثل المسابح الداخلية، والمنتجعات الصحية، ومراكز التسوق، وقاعات للأعراس ومطاعم ومرافق رياضية أخرى...، بلغت تكلفة بنائه حوالي 700 مليون دولار.
ملعب أحمد بن علي:
استاد أحمد بن علي والمعروف باسم ملعب الريان، يقع في إحدى ساحات قطر الرئيسية، هو نفس الملعب السابق ولكن مع 80% من مواد البناء السابقة المعاد استخدامها، إنه مثال يحتذى به في إعادة التدوير، مصمم في الداخل على أساس 40 ألف مقعد يحيطون بعرض وسائط متعدد الأبعاد التي تعمل بمثابة إسقاطات على الشاشة من أخبار وإعلانات ومعلومات البطولة، بلغت تكلفة الملعب حوالي 360 مليون دولار، إنه واحد من أرخص الملاعب التي بنتها قطر، سوف يستضيف 7 مباريات في المونديال، وسيصبح بعد نهاية المونديال ملعب خاص بنادي الريان مع تقليل سعته ل 20 ألف مقعد.
ملعب الثمامة:
يعد استاد الثمامة الملعب العربي الأكثر جمالاً وتأصلاً، سمي على اسم شجرة محلية، صمم على شكل الكوفية التقليدية، وهي غطاء الرأس الشعبي المنسوج الذي يضعه الرجل العربي، إنه تصميم فريد غير مألوف لملعب كرة قدم، ستقام فيه 8 مباريات في أدوار متقدمة من ضمنها ربع النهائي، سعته 40 ألف مقعد ستتم إزالة نصفها بعد نهاية المونديال.
ملعب المدينة التعليمية:
يقع في المدينة التعليمية جنوب الدوحة، ويدعى أيضاً بملعب جوهرة الصحراء نسبة إلى شكله الذي يشبه الجوهرة، صمم بواسطة فينويك اريبارين، يتكون من واجهة تحوي عدداً لا يحصى من قطع على شكل ألماس تعطي المبنى شكل الجوهرة، ويعطي هذا الهيكل وميضاً ولمعاناً فيتغير اللون تبعا لحركة الشمس في السماء، وعلى الرغم من أنه مصمم على شكل ألماسة إلا أنه أكثر ملعب مستدام في العالم؛ حيث 20% من مواد البناء أتت من مصادر خضراء، وسوف يكون هذا الملعب الأكثر بروزاً في المونديال، بني في قلب المدينة التعليمية التي تضم الحرم الجامعي ل 8 جامعات عالمية، تقييمه 5 نجوم، يحتوي أيضا على 40 ألف مقعد، وسوف يستضيف 8 مباريات في المونديال من ضمنها ربع النهائي، واستضاف حديثا 5 مباريات في كأس العرب 2021، وبلغت تكلفة الملعب 700 مليون دولار.
ملعب خليفة الدولي:
يعد استاد خليفة الرئيسي الملعب الرئيسي في قطر وهو الملعب الرئيسي للمنتخب الوطني القطري، سمي على اسم أمير قطر السابق خليفة بن حمد الثاني، يقع ضمن منطقة شاسعة لمراكز رياضية ومطاعم وأسواق في الدوحة، افتتح الملعب لأول مرة عام 1976 واستضاف عدة بطولات سابقاً، وهو الملعب الوحيد الذي لن يتم تفكيكه جزئياً أو كلياً بعد نهاية المونديال، وكلف تجديده 374 مليون دولار ما يعادل تكلفة بناء ملعب صغير، وقد استضاف نهائي كأس العرب مؤخراً، سيستضيف 8 مباريات مونديالية من ضمنها مباراة تحديد المركز الثالث.
ملعب لوسيل:
يعد استاد لوسيل أكبر وأضخم ملعب من ملاعب قطر الحديثة، يقع في مدينة لوسيل وتبلغ سعته 80 ألفاً، سوف يكون الملعب الرئيسي؛ حيث سيستضيف 10 مباريات بما فيهم النهائي، إنه ملعب ثري بتصميمه فهو على شكل وعاء ذهبي مزخرف مغطى بألواح ذهبية؛ إنها ليست مجرد ألواح ذهبية بل إنها ألواح طاقة شمسية تزود كامل المبنى بالطاقة مع انعدام أية بصمة كربونية، ويقال أن تكلفة بناء الملعب بلغت 7.67 مليون دولار.
ملعب 974
هو أكثر ملعب مثير للإعجاب، استوحي اسم استاد 974 من عدد الحاويات المبني منها والتي يبلغ عددها 974 حاوية شحن معاد تدويرها ومن فولاذ، افتتح في نوفمبر 2021، يحتوي على 40 ألف مقعد، وهو أول ملعب مؤقت في تاريخ كأس العالم فلن يبقى هذا الملعب موجودا بعد عدة سنوات؛ حيث ستتم إزالته بالكامل، ومن المخطط أن يستضيف 7 مباريات خلال المونديال حتى نهاية دور ال 16.
ماذا تعتقد؟
هل تجاوزت قطر التوقعات من خلال بناء أعظم الملاعب في العالم؟ أو هل لديهم المزيد من التجهيزات الضخمة؟ وهل مصير ملاعب قطر فارغة كغيرها بعد نهاية المونديال أم أنه حل عبقري بإزالة بعضها وتقليص حجم البعض؟
شاركونا آراءكم
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!