إن حب الجمال هو أمر طبيعي وفطري وإنساني أيضاً، فمن الطبيعي أن نحب الجمال بكل أشكاله كبشر، ولكن حين يحيد هذا الأمر عن الحدِّ الطبيعي ويتحول إلى مبالغات، فمن المؤكد أنه ليس بالأمر الجيد على الإطلاق، فالهوس مشكلة كبيرة جداً تتفشى في العالم نتيجة المبالغات والتصوير المثالي على أن البشر يجب أن يكونوا بلا عيوب، ولكن هل هذا الأمر منطقي؟ في هذه المقالة سنقوم بالإجابة على العديد من الأسئلة في هذا السياق...لنتابع...
عمليات التجميل والمجتمع:
أصبحت معظم النساء ينظرن إلى أنفسهن بعين المجتمع المريض الذي يقيمهن بعدد عمليات التجميل التي قد سبق وأجرينهن، الأمر الذي حول النساء لأشكال بلاستيكية خالية من الملامح، وأصبحت المرأة التي تقوم بأي من هذه العمليات شخص غير طبيعي وغير جميل، الأمر الذي أثر سلباً على الثقة بالنفس، ومن هنا نجد أن موضوع هوس الجمال تقع مسؤوليته على عاتق المجتمع ككل.
التجميل ونسبه المتزايدة:
في السنوات العشر الأخيرة زادت عمليات التجميل بنسبة 700 بالمئة، فمنذ عام 2011 قام 15 مليون إنسان قام بإجراء عمليات تجميل، كما أنه زاد عدد أطباء التجميل حول العالم؛ فبلغ عددهم في الآونة الأخيرة حوالي 20 ألف طبيب تجميل مصرح لهم للعمل، كما أنه في عام 2015 تم إنفاق 40 بليون دولار على عمليات التجميل حول العالم، مبلغ كبير... أليس كذلك؟
كيف يتم الترويج لها:
إن الترويج المستمر من قبل عيادات التجميل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أثر بشكل كبير بعقول الفتيات اللواتي يردن التغيير الجذري دون أن يبذلن أي مجهود، سواء كان هذا التغيير بشكل الجسد أم بشكل الوجه، كما أن المشاهير حول العالم ونشرهم الدائم للصور التي تظهر التغييرات التي يقومون بها بأشكالهم، أدى إلى إتباع خطاهم من قيل ملايين المتابعين والمهتمين بأخبارهم حول العالم.
ما هي الأغراض التي بدأت بها عمليات التجميل تاريخياً:
إن أول إشارة تاريخية لعملية تجميل بقصد العلاج تعود إلى الدولة الفرعونية القديمة، والعملية كانت إجراءً ترميمياً لأنف مكسور لإحدى الشخصيات المرموقة في الدولة، وبقيت عمليات التجميل لفترات طويلة محصورة ضمن إطار الترميم والعلاج قبل أن تأخذ شكل التجميل العبثي والهوسي.
التجميل والاقتصاد:
لا شك في أن ارتفاع مستويات المعيشة كان قد ساهم بشكل كبير في انتشار عمليات التجميل بشكل كبير، فاهتمام الناس لم يعد محصوراً بتوفير الطعام والشراب والاحتياجات الأساسية، بل برزت اهتمامات جديدة كانت تعتبر في الماضي ثانوية وغير أساسية على الإطلاق.
التجميل من وجهة نظر الطب النفسي:
أكد الخبراء النفسيون أن حالات الهوس بالتجميل هي حالات مرضية تعبر عن خلل نفسي تعاني من المرأة، فالنساء اللواتي يجرين هذا النوع من العمليات يشكلن نسبة 90 بالمئة من إجمالي عمليات التجميل التي تجرى حول العالم، الأمر الذي عده الخبراء طبيعياً بالمقارنة مع المستويات الثقافية التي تبين معايير الجمال بالنسبة للمرأة، كما أن الدراسات الكثيرة التي أجريت في هذا السياق أن أكثر من نصف المراهقات حول العالم يشعرون أنهم عرضة للتنمر بسبب مظهرهن الخارجي، أما الأرقام المسجلة فكانت 65 بالمئة من المراهقات اللواتي يرغبن بإنقاص أوزانهن، بينما واحدة من بين كل 5 مراهقات ترغب بإجراء عملية تكبير للثدي و5 بالمئة أردن إجراء البوتوكس.
إن الآثار المترتبة على التنمر والمرتبطة بالمظهر الخارجي حسب رأي الخبراء لها آثار كارثية ويجب النظر لها بعين الاعتبار.
هل التجميل محصور بالنساء فقط؟
لا على الإطلاق، فالرجال بمختلف الأعمار أبدوا اهتماماً واسعاً بالتجميل، فنسبة الإقبال على هذا النوع من العمليات كانت تتناسب مع مقدار الانفتاح الذي يتمتع به هذا العصر، فعمليات زراعة الشعر تعد العمليات رقم 1 من حيث الإقبال من قبل الرجال، فمشكلة الصلع الذي يعاني منه الكثير من الرجال باتت من الماضي، وأصبح التمتع بشعر كثيف ومرضي متاح من خلال هذه العملية، كما أن مشكلة التثدي الذي يعاني منها الكثير من الرجال كانت المشكلة الثانية التي اتجه الكثير منهم إلى العمليات التجميلية من أجل حلها، فحالة الخجل التي كانت مرتبطة ببروز الثدي أصبحت من الماضي بعد ظهور عملية شفط الدهون من الأماكن غير المرغوب بها.
إن الرضى والتمتع بثقة عالية بالنفس والتوقف عن اتباع الرائج لمجرد أنه رائج، جميعها أمور كفيلة بالشعور بالسعادة والرضى عن الشكل، فالجمال ليس أنفاً صغيراً وعيوناً مشقولةً وجسداً مثالياً خالياً من التجاعيد، إنما فكر خلاق وعقل منفتح وجمال داخلي يضفي رونقه على الجمال الخارجي، فكمْ من شخص رائع الجمال رأيناه بشعاً لجهله وقلة حيلته ؟
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!