رُسِمَتْ ملامح العالم الحديث الذي نعيش به اليوم بناءً على الحضارات التي وضعت الأساسات لنا، فما الحضارة الراهنة إلا إسقاطات ظلال من حضارات عتيقة وعتيدة كرست لجعل العالم مكاناً أفضل، ومن بين هذه الحضارات العظيمة انتقينا اليوم حضارة خالدة، ماتزال نتاجاتها حاضرة ليومنا هذا لنتابع سوياً...
تاريخ الحضارة اليونانية:
بدأت هذه الحضارة العظيمة منذ القدم، وامتدت لأكثر من 14 قرناً بدءاً من القرن الثامن قبل الميلاد، وكان ذلك في العصر القديم وحتى نهاية العصور القديمة عام 600 تقريباً، وقد أنشأت أبجديتها بعد إحداث العديد من التعديلات على الأبجدية الفينيقية، كما أنها تعد مسقطاً لرأس الفلسفة الغربية والرياضيات والتاريخ والدراما فضلاً عن الألعاب الأولمبية والديمقراطية، كما شهدت تطوراً في التكنولوجية والشعر والفن.
الحضارة اليونانية مهد التنوير والفلسفة:
تعد الحضارة اليونانية الحضارة الأقدم في القارة الأوربية، حيث بدأت في الألفية الثالثة قبل الميلاد وتحديداً في جزيرة كريت التي كانت يطلق عليها آنذاك بالحضارة المينوية، وعلى الرغم من خفوت نجم هذه الحضارة في الألف الثانية قبل الميلاد، إلا أنها استمرت إلى نهاية الألف الثانية قبل الميلاد وتحديداً في بداية انهيار حضارات العصر البرونزي المتأخر بسبب غزو ما يسمى شعوب البحر وعوامل طبيعية أخرى.
بداية تقدم الحضارة اليونانية وتطورها :
بدأت الحضارة اليونانية بالتقدم على جميع الأصعدة والمستويات قبل نهاية القرن السادس قبل الميلاد، على الرغم من خضوعها للكثير من الحروب الداخلية بين مناطق مقدونيا، أي مدينة الإسكندر المقدوني وجزر بحر إيجة وشواطئ مدن تركيا الحالية، إلا أنها تقدمت بشكل كبير نتيجة الاختلاط الكبير بالحضارات الشرقية في المشرق العربي، وفي غضون 100 عام قامت الحضارة اليونانية التي سميت فيما بعد بالحضارة الهيلينية.
العوامل الأساسية التي قامت عليها هذه الحضارة :
كان هناك العديد من العوامل الأساسية التي قامت عليها الحضارة اليونانية، مما أدى انتشار صيتها في دول العالم من الشرق إلى الغرب ومن أبرز هذه العوامل:
1 العوامل السياسية:
قامت الحضارة اليونانية وللمرة الأولى فكرة الديمقراطية الحقيقية إلى العالم ككل، الأمر الذي سمح بالاستفتاءات وسن القوانين والأنظمة الجديدة، وتعد هذه الأفكار مطبقة حتى يومنا هذا، فمعظم دول العالم اليوم تتمتع بالديمقراطية التي تتيح للمواطنين العاديين المشاركة في الحياة السياسية، وهذا الأمر يعد من أبرز العوامل التي قامت عليها هذه الحضارة.
2 العوامل الفلسفية :
تمتلك الحضارة اليونانية أعظم الفلاسفة في تاريخ اليونان القديمة، بما في ذلك أفلاطون، وسقراط، وأرسطو الذين وضعوا أساساً متيناً لهذا العلم لا نزال نتعلم تلك الأساسات إلى يومنا هذا.
الفن في الحضارة اليونانية :
قام الإغريق بابتكار المسرح الغربي ليؤدي به الفنانون أعمالاً مكتوبة، كما أن هذا المسرح قدم مفهوم الكوميديا والتراجيديا وأثر بشكل كبير على الفن الأوروبي والأمريكي بشكل كبير، كأعمال ويليام شكسبير.
حقق الإغريق الكثير من النجاحات في مجال العلوم المختلفة والتكنولوجيا، كما أبلوا بلاءً حسناً في علم الرياضيات، فلا زلنا نستخدم العديد من نظرياتهم وأبحاثهم إلى يومنا هذا كنظرية فيثاغورث، التي لا بد من أن تكون استخدمتها العديد من المرات في الحسابات المثلثية.
أبرز الاختراعات اليونانية:
عجلة المياه الإغريقية :
تعد النواعير أو عجلات المياه أحد أبرز اختراعات اليونانيين التي استخدمت في جميع أنحاء العالم في مجالات عدة كالزراعة وطحن الحبوب واستخراج المعادن، فاختراع هذه العجلة أدى إلى إنتاج الأرز والحبوب والخضراوات والدقيق، ومنذ اختراع هذه الآلة خضعت للعديد من التغيرات والتطورات التي سمح باستخدامها للعديد من القرون اللاحقة لهذه الحضارة العظيمة.
عداد المسافات :
يعد عداد المسافات من أكثر الأدوات استخداماً اليوم، حيث يمكن استخدامه لحساب المسافات التي تقطعها السيارات، وتكون موجودة خلف المقود في السيارات والدراجات.
المنبه:
يمكن إرجاع أصل المنبه إلى الحضارة اليونانية بالطبع، ومع الوقت أخذت بالتطور من صفارات الإنذار الميكانيكة إلى الآلات الحديثة كالهواتف المحمولة، فالمنبه الذي اخترعه الإغريق بنيت أفكار المنبهات الحديثة عليه.
ما هو النظام السياسي السائد في اليونان القديم؟
سيطر نظام دويلات المدن على الحياة السياسية والاجتماعية، فقد كانت جغرافية اليونان الصعبة المتمثلة بكثرة الجبال والوديان والجزر عاملاً مهماً في تطور هذا النظام، بالإضافة إلى تعدد أصول القبائل والجماعات البشرية في اليونان.
بماذا يتميز هذا النظام؟
يتميز هذا النظام باستقلال المدن بشكل تام أو تبعيتها لمدن أكبر وأقوى كأثينا وإسبارطة، وقد أثر هذا النظام على قوة اليونان في أوقات الحرب.
المجتمع اليوناني:
تكون المجتمع اليوناني القديم من عدة طبقات شملت السّادة والعبيد، حيث قسمت طبقة السادة لأكثر من طبقة بين فلاحين وملّاك أراض وضباط ورجال دولة ونبلاء، أما العبيد فقسموا بحسب وظيفة الفرد عند سيده أو بحسب المدينة التي ينتمي إليها، فقد كان المجتمع اليوناني ذا طابع زراعي وتجاري في الغالب مع وجود الحرفيين المثقفين والموسيقيين وغيرهم من أصحاب المهن المختلفة، وعلى الرغم من تعدد الطبقات والأنماط السياسية والاجتماعية بين المدن المختلفة، إلا أنه كان يجمع المجتمع اليوناني انسجاماً كبيراً خلق حالة جميلة جداً بينهم.
تأثير الحضارة المصرية على الحضارة اليونانية:
كان لمصر الفرعونية تأثير واضح على الحضارة اليونانية، وذلك لأن في وقت من الأوقات قبل حكم الأسر كانوا مرتبطين بجزر البحر الأبيض المتوسط، فتقارب الحضارتين وتعاوناتهما في الكثير من النواحي التجارية والاقتصادية أدى إلى ظهور العديد من الفنون المتشابهة كطريقة بناء المنازل إلى حد ما.
كيف انتهت الحضارة اليونانية؟
انتهت الحضارة اليونانية مع وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م، حيث نظمت إدارة الأمور السياسية في البلاد ما يسمى بالبوليس،
والتي نصت على استقلال كل مدينة على حدى مع وجود بعض المدن التابعة لمدن أخرى، واتسمت مرحلة انهيار الحضارة بظهور وازدهار العديد من الفنون المختلفة وظهور العديد من الشعراء، وبعد وفاة الإسكندر الأكبر اندلعت العديد من الحروب التي أسفر عنها انقسام المنطقة لعدة أقاليم :
1 إقليم البطالمة في مصر.
2 إقليم السلوقية في سوريا وبلاد الرافدين.
3 إقليم الأنتيجون في مقدونيا.
4 إقليم أتاليد في الأناضول.
توالت الحضارات الأخرى في حكم اليونان بدءاً من الرومانيين واليونانيين إلى البيزنطيين وانتهاءً بالعثمانيين.
إن الجمال الكبير الذي قامت بتصديره الحضارة اليونانية إلى العالم جعل أثرها متواجدا بكل بقعة على الأرض
ودمتم بألف خير .
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!