من غير المعقول طبعاً أن يقوم شخص نحيل بدفع خصم وزنه كالفيل وإخراجه خارج الحلبة ، وهو الهدف المنشود ،وهذا ما يفسر الكروش المدورة البارزة، وطبقات الشحم الظاهرة للعين المجردة ،والثدي المتدلي جراء السمنة التي يتمتع بها مصارعو "السومو" اليابانيون ، او ال "سوموتوري " كما يسمون عالمياً ، وال "ريكيشي" كما يدعون في بلادهم ،ما يعني حرفياً "محترفي القوة ".
مثلما يتطلب الأمر من معظم الرياضيين الآخرين ،الالتزام بحمية للتنحيف ، يستلزم السومو التزام حمية للتسمين.
ما هو تدريب كيكو ؟
بالإضافة إلى الحمية هناك تدريبات قاسية مفروضة على لاعبي السومو .يبدأ التدريب في حدود الخامسة صباحاً ،يؤدي المصارع تمارين معينة قبل تناول أي طعام وذلك حتى الساعة ال11 .
ثم تبدأ فترة عناية صحية ،تتضمن أخذ حمام ساخن ،والمرور عند ال " توكوياما" أي الحلاق ،لكي يصفف الشعر تصفيفاً معيناً، له أهميته ومدلولاته عند ال " الريكيشي" وبالنسبة إلى المبتدئين ، يتضمن ذلك أيضا التهيؤ لممارسة تمارين خاصة تدعى تمارين ما قبل الوجبة ولحد ذلك الحين تظل البطون خاوية .
مع حلول الظهيرة ،يتم تناول الوجبة الأولى المسماة " تشانكو نابي " وهي نوع من حساء دسم على الطريقة اليابانية ،بمكونات كثيرة منها : السمك اللحم الخضار والبروتين النباتي " توفو " وطحالب بحرية منقوعة ، و أوراق نباتات مائية .
المضحك هنا أن الأكل يكون بالترتيب بحيث يبدأ المصارعون المتمرسون بالأكل ، ثم يتهافت المبتدئون على ما تبقى من طعام الكبار.
هنا يأتي دور القيلولة وتستمر حتى العصر، والهدف : إبطاء سريان الطعام في الجسم بهدف مراكمة الشحوم ورفع الوزن.
الشيء نفسه يطبق بعد الوجبة الثانية التي تؤخذ بين السابعة والتاسعة مساءاً وتكون القيلولة عبارة عن النوم حتى صباح اليوم التالي.
يتناول كل ريكيشي خلال الوجبتين ما يساوي 8 إلى 10 ألاف حريرة ، وبعضهم لا يكتفي بذلك فيأخذون سعرات إضافة لضمان المحافظة على أوزانهم الثقيلة.
من أين أتى تقليد السومو؟
لايزال السومو يحظى بهيبة كبيرة وسمعة رفيعة ، رغم ظهور العديد من الرياضات .
تعود أصول أصولها ، حسب المؤرخين ، إلى نحو 15قرناً .وقتها بزغ السومو في صورة طقوس دينية ، مارسها بعض رهبان ال" شنتو" الديانة الغالبة في اليابان ، الذين كانوا يخوضون نزالات مصارعة ،ويقدمون رقصات معينة ،كقرابين للآلهة.
فبحسب الأسطورة ،ولد السومو من نزال بين إلهين " تاكيمينكاتا" و " تاكيميكازوشي" .فتغلب الأخير ، فقاد شعوب اليابان وبفضله تمت السيطرة على مجمل الجزر اليابانية ، وتأسست السلالة الإمبراطورية ، التي لا تزال تحكم حتى يومنا هذا .
في الوقت نفسه ومع ممارسة السومو إحياء ذكرى ذلك النزال الحاسم ،كان الرهبان يرددون ابتهالات وأدعية لكي تبارك الآلهة حصاد الموسم وتجعله وفيراً .
على الرغم من قدم ممارسة السومو ،لم يأت ذكره للمرة الأولى في وثيقة مدونة سوى عام 712 للميلاد ، في كتاب " كوجيكي" أي حكاية الأقدمين .
في القرن الثامن عشر نفسه تم إدراج نزالات السومو في مراسم البلاط الإمبراطوري ، فأصبح يشكل الرياضة الإمبراطورية بجدارة .
عام ١٩٢٥ تم تشكيل أول نقابة لمصارعي السومو في اليابان .
ال" مواشي" لستر العورة:
إن ما نراه نحن كمنشفة هو لباس تقليدي للاعبي السومو .
يرتدي الريكيشي قطعة قماش تدعى مواشي يتم لفها حول البطن وما بين الفخذين لحجب العورة .
هذا هو اللباس الوحيد المسموح به أثناء النزالات.
طريقة ممارسة السومو
يقوم كل ريكيشي بثلاث حركات حسب الطقوس :
اولاً يرفع قدمه عالياً ،ثم يضربها على ارض الحلبة وهي عبارة عن دائرة بقطر 4.55 متر ،الهدف هنا طرد الأرواح الشريرة.
ثانياً يأخذ حفنة من الملح ويرميها على الأرض لتطهير روحه وإظهار حسن النية قبل المباراة.
ثالثاً يرتشف رشفة من ماء القوة من دون أن يبلعها ، إنما يقوم ببصقها.
ثم تبدأ المباراة ويسعى كل متبارٍ إلى استخدام واحد من المفاتيح التي عددها 82 لكي يدفع خصمه خارج الحلبة ، أو يرغمه على لمس الأرض بغير أسفل قدميه .
في الحقيقة إنها رياضة غريبة ! ، فاليابان إمبراطورية عظيمة تحتوي على آلاف الأساطير والتقاليد التي لا نعرفها.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!