هل شعرت مرة وأنت جالس مع أصدقاءك، أنك تشعر بالحزن واليأس، ولا تستطيع الإحساس بالمتعة في أي شيء يدور حولك؟ أو أنك لا تريد أن تفعل أي شيء في حياتك حتى أبسط الأشياء كالاهتمام بنفسك؟ بعد ذلك وفجأة كل هذه المشاعر تزول، وتحس بالسعادة وبأنك مقبل على الحياة بكل أمل، وابتهاج، بكل طاقة وحيوية، وتفاؤل، وتقول مهلاً...أنا أشعر أنني أصبحت بأفضل حال لقد كانت مشاعر سلبية مؤقتة وقد تجاوزتها وسأعود شخص طبيعي مرة أخرة .....لكن وللأسف، الحقيقة ليست كذلك، ولن تعود لممارسة حياتك بشكل طبيعي، لأنك وببساطة تعاني اضطراب ثنائي القطب.
بعد سنين طويلة من معاناة الفنانة "سيلينا غومز" وجدت أخيراً إجابة لحالتها الطبية، بعد معارك طويلة مع صحتها النفسية، ففي عام 2016 أخذت استراحة من عملها بعد معاناة من نوبات الهلع والاكتئاب، وفي عام 2018 وبعد صدمات عاطفية متتالية، قامت باللجوء للأخصائيين النفسيين، وبالفعل خضعت للعلاج السلوكي الجدلي من أجل مساعدتها في طريقة تعاملها مع مشاعرها، والخروج من الحالة النفسية التي تعاني منها، وآخرما تم تشخيصه لها، هو اضطراب ثنائي القطب.
ما هي أصل التّسمية؟
قبل أن يطلق علماء النفس عليه هذا الاسم كان يعرف بالاكتئاب الهوسي، وهو مرض عقلي شديد الْخَطَر ينتج عنه تغيرات في الحالة المزاجية والانفعالات ومستويات الطاقة، وهذه التغيرات من الممكن أن تستمر من أيام حتى أسابيع.
كيف تم اكتشافه؟
اضطراب ثنائي القطب تم اكتشافه في القرن الأول الميلادي على يد "أريتايوس القبادوقي" وهو أول من بدأ بعمل تحاليل لأعراض الاكتئاب والهوس في اليونان، وبعد قرون طويلة من الصمت عن هذا النوع من الأمراض قام الطبيب الفرنسي "جان بيير فاليري" بوضع بحث وصف فيه اضطراب الهوس ثنائي القطب الاكتئابي، وذلك في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي، وبعد ذلك تم رصد أول حالة للمرض اعتماداً على البحث الذي أعده، ومع بداية القرن العشرين، قام الطبيب النفسي الألماني "إيميل كيبرلين" بتحليل تأثير الاضطرابات العقلية، ومن بعدها بدأ الأخصائيين النفسيين بوضع تحليل الطبيب إيميل أساساً لتصنيف الاضطرابات العقلية، التي من ضمنها اضطراب ثنائي القطب.
ما الذي يعانيه مريض ثنائي القطب؟
مريض ثنائي القطب قد يعاني الاكتئاب أو الهوس، ومن الممكن الإثنين معا في نفس الوقت، ضمن نوبات مختلطة، ثم أن أعراض المرض تختلف من نوع لآخر، لأن مرض ثنائي القطب يتكون من أنواع عدّة، وهناك أعراض اكتئابية من الممكن أن تظهر عند الشخص في عواطفه، كإحساسه بالتعاسة طوال الوقت، غير قادر على الاستمتاع في حياته، وغير مستقر بدنياً، ويكون دائماً متوتر بشكل عصبي، هذا ما يجعله يصل للتفكير بالانتحار، ومنها ما يؤثر على طريقة التفكير كعدم القدرة على اتخاذ أي قرار حتى لو كان بسيط، ولا يقدر على التركيز بأي شيء، عدا فقدان الشهية، واضطراب النوم، وملازمته الدائمة لشعور التعب ويفقد المريض الرغبة بأي شيء حتى الرغبة الجنسية، يرغب بأن يصرخ دون أن تكون لديه القدرة على ذلك، أما في حال كان الهوس هو المسيطر لا الاكتئاب، سنرى شخص يتمتع بثقة عالية جدا بالنفس بشكل مبالغ فيه، وينتابه شعور السعادة المطلقة على الدوام، ولو قام أي شخص بقول أي شيء عكس رغبته سيغضب بشكل جنوني، وذلك لأن المريض يشعر بأن تميزه ليس له مثيل ليس كباقي البشر، أيضاً مريض ثنائي القطب الهوسي ستكون أفكاره جديدة غاية في التهور، كاستثمار كل أمواله في مشروع خاسر بشكل كلي لمجرد أنه يريد إثبات وجهة نظره التي هي بالنسبة له صائبة دوماً، وأن تقييمه للأمر مثالي، وهناك أشياء ناتجة عن وجهة نظره، لن يتمكن الأشخاص العاديين من فهمها، كما وفي بعض الحالات، تم رصد مرضى يسمعون أصوات لا أحد يمكنه سماعها غيرهم، يتحدث بسرعة لدرجة أنه من الممكن أن الأشخاص الذين يتحدث إليهم غير قادرين على فهم عباراته التي يتفوه بها، أفكاره في تصارع دائم، بالإضافة لكونه يصرف المال دون حساب وغالباً ما تكون على أشياء ليست ذات قيمة، بالإضافة لمعاملته للأشخاص الغرباء بشكل غريب وسيء جداً تحدث نفور منه، والتصرف الغير منضبط يلخص تصرفاته المتهورة عمومًا.
ماهي أنواع اضطراب ثنائي القطب؟
لمرض ثنائي القطب أربع أنواع، يشتركون بالحالة المزاجية السيئة التي يعانيها المريض، وممكن أن يحس أيضاً باليأس والإحباط ونقص الطاقة والتركيز، أما ما يميز مريض ثنائي القطب عن مريض الاكتئاب، أنه يحس بحالة مزاجية أفضل قليلاً من مريض الاكتئاب، ونطلق عليها حينئذ نوبات هوس، أو نوبات هوس خفيفة وهذا التصنيف يعتمد على شدة الاضطراب عندهم.
النوع الأول
في هذا النوع يعاني المريض من اكتئاب شديد، لكن حالة الهوس تكون أقل،
والبعض منهم ممكن أن يعاني الهوس فقط، لكن درجته ستكون خفيفة، وفي هذا النوع
تتدهور الحالة المزاجية للمريض
بشكل كبير جداً ،قد تحتاج لدخوله المستشفى، عدا عن نوبات الهوس الغير قابلة
للعلاج، وممكن أن تستمر من 3إلى 6 شهور.
النوع الثاني
في هذا النوع يحدث نوبات اكتئاب شديدة جداً مع هوس خفيف، ومن الممكن أن يمر المريض بانخفاض في الحالة المزاجية، ونوبات الهوس قد تستمر ل4 أيام على الأقل من أجل تشخيصه بهذا النوع عدا أن الأعراض من الممكن أن تستمر من أسابيع حتى الشهر.
النوع الثالث أو تغير المِزَاج السريع
في هذا النوع يمر المريض أربع حالات من تقلبات المِزَاج واضطراب العاطفة الشديدة، وهؤلاء الأشخاص يمرون بحالة من المِزَاج السيء يليها حالة من المِزَاج الجيد أو الهوس الخفيف.
النوع الرابع أو اضطراب المِزَاج الدوري
وفي هذا النوع تقلبات المِزَاج لا تكون شديدة، لكنها تستمر لفترات طويلة، ومن الممكن أن تكون أطول من النوع الثالث.
ما سبب الإصابة بهذا المرض؟
للأسف لم يتم اكتشاف السبب المحدد لل-ماهي احتمالات الإصابة بهذا المرض؟
نسبة الإصابة بهذا المرض حوال 2 بالمئة في أي مرحلة من مراحل حياة الإنسان، لكن بعد سن ال40 تقل نسبة الإصابة به بشكل كبير، هذا وأنه لا فرق بين نسبة إصابة الرجال والنساء به.
إن الصحة النفسية في مجتمعاتنا الشرقية هي حجر الأساس لتطورنا ورقينا وازدهار ثقافاتنا، فكل فرد في هذا المجتمع من الواجب عليه وبشكل حتمي أن يعتني بصحته النفسية من أجل أن يساهم في كونه انسان له رسالة سامية على هذه الأرض عليه إكمالها.
لا تنسى أن تترك لنا تعليقاً بعد قراءتك للمقال!